مصر خلال عهدين للفراعنة
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
مصر خلال عهدين للفراعنة
مصر خلال عهدين للفراعنة
للكاتب : وصفي عبد الغني
المثل الشعبي هو الكلام المأثور الذي يحتوي على العديد من القيم والعادات والتقاليد , ويتميز بأيجاز اللفظ , وسهولة الحفظ , وسرعة وصوله لقلب السامع ووجدانه , وهو نتاج معاناة او تجربة في الحياة او وصفا لحالة معينة. وكثيراَ ما يكون المثل صادقاَ مطابقا للواقع او للتاريخ .
ومن امثالنا الشعبية الدارجة المثل القائل : ( سألوا فرعون ايش اللي فرعنك, قال من قلة ما حدا يردني ) اي أن سألوا فرعون, ما الذي جعلك جبارا طاغيا, فأجاب بأنه لم يجد من يقف بوجهه ويمنعه من مزاولته للجبروت والطغيان.
ومن الدلائل على أن فرعون كان طاغية, نستدل على ذلك من الاية الكريمة لقوله تعالى للنبي موسى ( ع ) ﴿ اذهب الى فرعون انه طغى ﴾ [ طه : 24 ] ففرعون طغى لتجاوزه الحد, سفك دماء الابرياء, قتل الاطفال, نشر الفساد, ارهب العباد ودمر البلاد. فكان لا بد من ان يقف احد بوجهه, فارسل الله تعالى نبيه موسى ( ع ) ليقوم بتلك المهمة.وللوقوف في وجه الحاكم الجبار الظالم, حديث للرسول ( ص ) يقول : " ان من اعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ".
لكن وبالرغم من كون فرعون طاغية اضفى على نفسه الالوهية, منذ توحيد مصر عام 3200 ق.م, الا ان فترة حكم الفراعنة لمصر, اتصفت بكونها من ابرز حضارات الدنيا بلا منازع, فكانت حضارة الفراعنة التي قامت في مصر, تحت حكم الاسر الفرعونية المختلفة منذ فجر التاريخ وحتى الغزو الروماني لمصر, صاحبة انجازات ضخمة لها اصالتها, فقد قام قدماء المصريين بالعديد من الاعمال الابداعية المبتكرة والمذهلة للعالم, سواء في علم التحنيط اوالموسيقى والنحت والادب والرسم والعمارة وغيرها.
فعلى سبيل المثال, عرف المصريون في سنة 2772 ق.م ان تقويم السنة 365 يوما, وفي سنة 2560 ق.م بنى الملك خوفو الهرم الاكبر, الذي ظل اعلى بناية في العالم حتى القرن الثالث عشر, وفي علوم الفلك, اقاموا اقدم مرصد في العالم. وكتبوا باللغة الهيروغليفية على ورق البردى, فكانت مصر القوة العظمى بالعالم القديم , وكان تاثيرها السياسي يمتد نفوذه لدول الجوار في اسيا شرقا, وافريقيا غربا وحتى الصومال جنوبا.
انتهت فترة الحكم الفرعوني لمصر مع قدوم الغزو الروماني, الا انه ومنذ 38 عاما نرى ان فترة الحكم الفرعوني لمصرعادت مجددا, كقول المثل,( التاريخ يعيد نفسه, اوما اشبه اليوم بالبارحة ). فمصراليوم تحكم وفقا لقانون الطوارىء المطبق منذ 27 عاما, وهو يمنح الحاكم الحق في ان يضرب بيد من حديد ضد من شاء, متى وحيثما يشاء, فاصبح المصري مطاردا, معتقلا, مهانا ومذلا, فبدا الشعب المصري باغلبيته مسلوب الارادة لا حول له ولا قوة. وتجدر الاشارة الى ان قانون الطوارىء يمنح اجهزة الامن صلاحيات واسعة لاعتقال الاشخاص وتفتيش منازلهم من دون الرجوع الى النيابة العامة او القضاء, كما يتيح للسلطات احالة المدنيين للمحاكم العسكرية التي تفتقر لابسط قواعد المحاكمة العادلة, اضافة لمنع الاجتماعات والتجمعات العامة والرقابة على المطبوعات والصحف واغلاقها اذا اراد تحت مسمى " دواعي الامن " .
ويقول رئيس المنظمة المصرية لحقوق الانسان: اصبح تعذيب المواطنين وانتهاك حقوقهم منهجا لوزارة الداخلية حتى يبثوا الرعب في قلوب المواطنين, واشار الى ان امام مصر الكثير حتى تنتقل من عصر التعذيب الى عصر الديمقراطية والحرية. وهناك اشخاص محتجزون منذ اكثر من عشرة اعوام دون تقديمهم الى محاكمة او توجيه اتهامات. ويحضرني في هذا السياق قول الرئيس السابق, في خطاب له في شهر سبتمبر 1981 موجها كلامه للمعارضين لحكمه " لكــن ليعلــم كــل هــؤلاء انـه لنـا معهــم حسـاب ".
لكن ومع عودة الحكم الفرعوني لمصر, الا ان الانجازات العلمية والحضارية في فترة الحكم الفرعوني الاول لم تعد هي الاخرى, بل على العكس تماما, فمصر تشهد فترة من التراجع والانتكاس فالناس يشتكون من كثرة الجرائم ومن ظواهر العنف وضياع الحقوق وفقدان الرغيف. وتعتبر البطالة من اكبر المشاكل التي يواجهها الشباب المصري, فهي الدافع الاول للشباب في اللجوء للهجرة ولو بالطرق غير الشرعية, وتشير بعض التقارير الى ان نسبة البطالة في مصر بلغت %30 , كما تشير الى وجود 150 الف عاطل بدرجة " دكتوراه ".
وان كانت مصرقد شهدت نهضة عمرانية في زمن الفراعنة الاول, الا انها تشهد في هذا العصر ظاهرة انهيار البنايات بسكانها, وخروج القطارات عن مساراتها, وغرق العبارات براكبيها, وانهيارات جبلية تدفن الاحياء تحتها, ورحيل العلماء عنها حتى باتت تغدو كالرجل المريض. وفيما كان لمصر تاثيرها السياسي الممتد نفوذه لدول الجوار, نجدها اليوم عديمة التاثير او النفوذ لدرجة باتت فيها اضعف من ان تقرب وجهات نظرفصيلين مختلفين. فاصبح تاثيرها السياسي ومكانتها بين دول المنطقة كراي المثل المصري القائل ( ليس لها لا في الطور ولا في الطحين ).
اما الانكى من ذلك كله فهو وصولها لدرجة ان عضو الكنيست العنصري ايفيت ليبرمان ومن على منصة الكنيست, حين وقف معاتبا شمعون بيرس لزيارته لمصر, طالب بان ياتي الرئيس المصري اليه, واذا ما رفض ذلك فليذهب الى الجحيم. وقد مر كلام ليبرمان هذا من دون رد مصري او حتى كلمة استنكار واحدة.
هذا ما الت اليه احوال مصر في عهد الفراعنة الجدد, ويبقى السؤال, هل ستبقى مصر بانتظار غزو روماني جديد ليخلصها من حكم الفراعنة كما خلصها اول مرة
للكاتب : وصفي عبد الغني
المثل الشعبي هو الكلام المأثور الذي يحتوي على العديد من القيم والعادات والتقاليد , ويتميز بأيجاز اللفظ , وسهولة الحفظ , وسرعة وصوله لقلب السامع ووجدانه , وهو نتاج معاناة او تجربة في الحياة او وصفا لحالة معينة. وكثيراَ ما يكون المثل صادقاَ مطابقا للواقع او للتاريخ .
ومن امثالنا الشعبية الدارجة المثل القائل : ( سألوا فرعون ايش اللي فرعنك, قال من قلة ما حدا يردني ) اي أن سألوا فرعون, ما الذي جعلك جبارا طاغيا, فأجاب بأنه لم يجد من يقف بوجهه ويمنعه من مزاولته للجبروت والطغيان.
ومن الدلائل على أن فرعون كان طاغية, نستدل على ذلك من الاية الكريمة لقوله تعالى للنبي موسى ( ع ) ﴿ اذهب الى فرعون انه طغى ﴾ [ طه : 24 ] ففرعون طغى لتجاوزه الحد, سفك دماء الابرياء, قتل الاطفال, نشر الفساد, ارهب العباد ودمر البلاد. فكان لا بد من ان يقف احد بوجهه, فارسل الله تعالى نبيه موسى ( ع ) ليقوم بتلك المهمة.وللوقوف في وجه الحاكم الجبار الظالم, حديث للرسول ( ص ) يقول : " ان من اعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ".
لكن وبالرغم من كون فرعون طاغية اضفى على نفسه الالوهية, منذ توحيد مصر عام 3200 ق.م, الا ان فترة حكم الفراعنة لمصر, اتصفت بكونها من ابرز حضارات الدنيا بلا منازع, فكانت حضارة الفراعنة التي قامت في مصر, تحت حكم الاسر الفرعونية المختلفة منذ فجر التاريخ وحتى الغزو الروماني لمصر, صاحبة انجازات ضخمة لها اصالتها, فقد قام قدماء المصريين بالعديد من الاعمال الابداعية المبتكرة والمذهلة للعالم, سواء في علم التحنيط اوالموسيقى والنحت والادب والرسم والعمارة وغيرها.
فعلى سبيل المثال, عرف المصريون في سنة 2772 ق.م ان تقويم السنة 365 يوما, وفي سنة 2560 ق.م بنى الملك خوفو الهرم الاكبر, الذي ظل اعلى بناية في العالم حتى القرن الثالث عشر, وفي علوم الفلك, اقاموا اقدم مرصد في العالم. وكتبوا باللغة الهيروغليفية على ورق البردى, فكانت مصر القوة العظمى بالعالم القديم , وكان تاثيرها السياسي يمتد نفوذه لدول الجوار في اسيا شرقا, وافريقيا غربا وحتى الصومال جنوبا.
انتهت فترة الحكم الفرعوني لمصر مع قدوم الغزو الروماني, الا انه ومنذ 38 عاما نرى ان فترة الحكم الفرعوني لمصرعادت مجددا, كقول المثل,( التاريخ يعيد نفسه, اوما اشبه اليوم بالبارحة ). فمصراليوم تحكم وفقا لقانون الطوارىء المطبق منذ 27 عاما, وهو يمنح الحاكم الحق في ان يضرب بيد من حديد ضد من شاء, متى وحيثما يشاء, فاصبح المصري مطاردا, معتقلا, مهانا ومذلا, فبدا الشعب المصري باغلبيته مسلوب الارادة لا حول له ولا قوة. وتجدر الاشارة الى ان قانون الطوارىء يمنح اجهزة الامن صلاحيات واسعة لاعتقال الاشخاص وتفتيش منازلهم من دون الرجوع الى النيابة العامة او القضاء, كما يتيح للسلطات احالة المدنيين للمحاكم العسكرية التي تفتقر لابسط قواعد المحاكمة العادلة, اضافة لمنع الاجتماعات والتجمعات العامة والرقابة على المطبوعات والصحف واغلاقها اذا اراد تحت مسمى " دواعي الامن " .
ويقول رئيس المنظمة المصرية لحقوق الانسان: اصبح تعذيب المواطنين وانتهاك حقوقهم منهجا لوزارة الداخلية حتى يبثوا الرعب في قلوب المواطنين, واشار الى ان امام مصر الكثير حتى تنتقل من عصر التعذيب الى عصر الديمقراطية والحرية. وهناك اشخاص محتجزون منذ اكثر من عشرة اعوام دون تقديمهم الى محاكمة او توجيه اتهامات. ويحضرني في هذا السياق قول الرئيس السابق, في خطاب له في شهر سبتمبر 1981 موجها كلامه للمعارضين لحكمه " لكــن ليعلــم كــل هــؤلاء انـه لنـا معهــم حسـاب ".
لكن ومع عودة الحكم الفرعوني لمصر, الا ان الانجازات العلمية والحضارية في فترة الحكم الفرعوني الاول لم تعد هي الاخرى, بل على العكس تماما, فمصر تشهد فترة من التراجع والانتكاس فالناس يشتكون من كثرة الجرائم ومن ظواهر العنف وضياع الحقوق وفقدان الرغيف. وتعتبر البطالة من اكبر المشاكل التي يواجهها الشباب المصري, فهي الدافع الاول للشباب في اللجوء للهجرة ولو بالطرق غير الشرعية, وتشير بعض التقارير الى ان نسبة البطالة في مصر بلغت %30 , كما تشير الى وجود 150 الف عاطل بدرجة " دكتوراه ".
وان كانت مصرقد شهدت نهضة عمرانية في زمن الفراعنة الاول, الا انها تشهد في هذا العصر ظاهرة انهيار البنايات بسكانها, وخروج القطارات عن مساراتها, وغرق العبارات براكبيها, وانهيارات جبلية تدفن الاحياء تحتها, ورحيل العلماء عنها حتى باتت تغدو كالرجل المريض. وفيما كان لمصر تاثيرها السياسي الممتد نفوذه لدول الجوار, نجدها اليوم عديمة التاثير او النفوذ لدرجة باتت فيها اضعف من ان تقرب وجهات نظرفصيلين مختلفين. فاصبح تاثيرها السياسي ومكانتها بين دول المنطقة كراي المثل المصري القائل ( ليس لها لا في الطور ولا في الطحين ).
اما الانكى من ذلك كله فهو وصولها لدرجة ان عضو الكنيست العنصري ايفيت ليبرمان ومن على منصة الكنيست, حين وقف معاتبا شمعون بيرس لزيارته لمصر, طالب بان ياتي الرئيس المصري اليه, واذا ما رفض ذلك فليذهب الى الجحيم. وقد مر كلام ليبرمان هذا من دون رد مصري او حتى كلمة استنكار واحدة.
هذا ما الت اليه احوال مصر في عهد الفراعنة الجدد, ويبقى السؤال, هل ستبقى مصر بانتظار غزو روماني جديد ليخلصها من حكم الفراعنة كما خلصها اول مرة
حجي علي- مشرف عام
- عدد المساهمات : 170
العمر : 53
رقم العضوية : 16
تاريخ الانتساب : 12/10/2008
عارضة الطاقة :
احترام القوانين :
الاوسمة :
نقاط الشكر : 1
نقاط : 59091
تاريخ التسجيل : 12/10/2008
رد: مصر خلال عهدين للفراعنة
احسنت يا حاج بلفعل يحتاجون الى ليس فقط رومان بل لكل شئ صح لسانك وموضوعك قيم وطرحك رائع
مازن العراقي- مشرف ملتقى الحياة العامة
- عدد المساهمات : 569
العمر : 50
رقم العضوية : 32
تاريخ الانتساب : 6/10/2009
عارضة الطاقة :
احترام القوانين :
الاوسمة :
نقاط الشكر : 9
نقاط : 58060
تاريخ التسجيل : 06/03/2009
رد: مصر خلال عهدين للفراعنة
شكرا لك على هذا المرور الجميل
تقبل تحياتي
تقبل تحياتي
حجي علي- مشرف عام
- عدد المساهمات : 170
العمر : 53
رقم العضوية : 16
تاريخ الانتساب : 12/10/2008
عارضة الطاقة :
احترام القوانين :
الاوسمة :
نقاط الشكر : 1
نقاط : 59091
تاريخ التسجيل : 12/10/2008
رد: مصر خلال عهدين للفراعنة
موضوع يستحق المرور بالتاكيد
سلمت يداك تحياتي لك
ريم العراق
سلمت يداك تحياتي لك
ريم العراق
ريم العراق- مشرفة الملتقيات الأجتماعية
- عدد المساهمات : 605
العمر : 44
رقم العضوية : 27
تاريخ الانتساب : 3/3/2009
عارضة الطاقة :
احترام القوانين :
الاوسمة :
نقاط الشكر : 18
نقاط : 58097
تاريخ التسجيل : 04/03/2009
رد: مصر خلال عهدين للفراعنة
احسنت اخي حجي علي ...موضوع قيم .... لا اني اضيف ملاحظه بسيطه هي حسب مطالعاتي لاراء كثير من المؤرخين ... مفادها انه اذا كانت هناك امه يحق لها ان تفخر بتاريخها فهم الاغريق ..مع ان مده حضارتهم لاتتجاوز 200 سنه ..
واتذكر مره كنت اطالع مقاله لاحد المستشرقين يقول فيها : ان البابليين كانوا اكثر ذكاء من الفراعنه ...فالفراعنه كان مبلغ همهم ان هناك حياة اخرى عليه اخذوا معهم كل مقتنياتهم الى القبور ضنا انهم سيحتاجوها في الدار الاخره .... الا ان البابليين كانو يعتقدون بالحياة الاخرى ولكن مملكتهم كانت دنيويه ...
تقبل مروي وتحياتي لك ..
واتذكر مره كنت اطالع مقاله لاحد المستشرقين يقول فيها : ان البابليين كانوا اكثر ذكاء من الفراعنه ...فالفراعنه كان مبلغ همهم ان هناك حياة اخرى عليه اخذوا معهم كل مقتنياتهم الى القبور ضنا انهم سيحتاجوها في الدار الاخره .... الا ان البابليين كانو يعتقدون بالحياة الاخرى ولكن مملكتهم كانت دنيويه ...
تقبل مروي وتحياتي لك ..
عباس الصالحي- مشرف الملتقيات الدينية
- عدد المساهمات : 147
العمر : 55
رقم العضوية : 38
تاريخ الانتساب : 11/3/2009
عارضة الطاقة :
احترام القوانين :
الاوسمة :
نقاط الشكر : 4
نقاط : 57580
تاريخ التسجيل : 12/03/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى